كيف تخاطب الآخرين وتؤثِّر فيهم؟!

الحمد لله, والصلاة والسلامعلى خير خلق الله, معلم الناس الخير نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – وعلى آلهوصحبه ومن والاه.. أما بعد/فقد أرسل الله نبيه شعيب عليه السلام داعيًا لقومه, مُخرجٌ إياهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم والإيمان, مدعمًا إياه بحجة وبيان, فكانسلاحه هو الخطابة؛ لذلك سميّ شعيبٌ عليه السلام بخطيب الأنبياء, فالخطابة والحديثمع الآخرين من أهم الأساليب التي يجب أن يتحلى بها الدعاة إلى الله تبارك وتعالى.. ولنا في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الأسوة والقدوة الحسنة في ذلك, فهو خير معلموخير مربي عرفته البشرية جمعاء.
وللمهارة في الحديث والخطابة أساليب وطرق لابدمن معرفتها حتى يتم المقصود, فقد يتم دعوتك في أي وقت من الأوقات إلى إلقاء خطبة فيأي من الاجتماعات التي تشارك فيها أو المؤتمرات التي تحضرها، سواء كانت هذهالاجتماعات خاصة بأعمالك أو حياتك الاجتماعية أو المهنية أو الدعوية، وقد تكون فيأحد الاحتفالات ويطلب منك توجيه كلمة إلى الحاضرين، وفي كثير من اجتماعات الأعمالقد يطلب منك طرح عرض تقديمي عن تطور العمل في أحد المشروعات التي تشارك فيها أوتشرف عليها.
ومن خلال هذه الدقائق القليلة سنحاول – بحول الله وقوته – الحديث عنأهم هذه الأساليب والمهارات التي تجعلك خطيبًا مفوهًا وناجحًا.. من خلال التجاربالمشاهدة من الواقع, ومن نصائح ذوي الخبرة في هذا المجال المهم.
يقول " ويدنر " في كتابه كيفية مخاطبة الآخرين: (إن مهارات الاتصال تعد إحدى المهاراتالأساسية التي يجب أن تتحلى بها القيادات، فإذا فشل المستمعون في فهم كلمتك، أو إذاانصرف عدد كبير منهم عن الإنصات لك نتيجة الإحساس بالملل مما تقوله، تكون قد افتقدتالقدرة على التواصل مع الجمهور).
والإحدى عشر نصيحة التالية –أخي الحبيب- إذا لم تجعل منك خطيبًا مفوهًا، فإنها ستعينك حتمًا على تجنب الكثير من الأخطاءالشائعة التي يرتكبها الكثيرون عند مخاطبة الآخرين, لاحظ أن هذه النصائح تعتمد بشكلرئيسي على محاولة التقليل من العادات التي تعوق قدرة الفرد على مخاطبة الآخرينبطريقة واضحة تؤثِّر فيهم..فإذن,,
عليك بالبساطة
يعتقد الكثيرون أن نمط حديثهم لا بد أن يكون تفصيليًا ومعقدًا،إلا أن الواقع أظهر أن أفضل الخطباء عادة ما يتسم خطابهم بالبساطة، فالهدف الرئيسيمن خطابك هو التواصل مع الآخرين، وعليه حاول أن تتجنب ما يمكن أن يشتت أذهانالمستمعين عنك، وعند إعداد كلمتك اجعل الأفكار التي تريد توصيلها إلى الآخرين هيمحور تفكيرك وقم ببناء كلمتك حول هذه الأفكار. 
تحدث بشكل طبيعي
أنت لست ممثلاً، بل متحدث، وعليه كن على طبيعتك ولا تحاول تقمصأي شخصية أخرى، وفي هذا الصدد يقول "ويدنر" إن هناك عدداً كبيراً من الخطباء الذينيحاولون محاكاة وتقليد نمط الكلام ولهجة خطباء آخرين يريدون أن يتشبهوا بهم، تحدثفقط بالطريقة التي تعودت أن تتحدث بها دومًا، فأنت لست مضطرًا لكي تكون خطيبًامفوهًا أن تبني أنماط الآخرين في الحديث. 
الاتصال بالعين
خلال تلقيك دروسًا في القيادة، فإن مدرب القيادة يوجهك إلى ضرورةالنظر في المرايا بشكل مستمر، ولذا فأنت طوال عملية القيادة تنظر في المرآة اليمنىفاليسرى، ثم المرآة التي في المنتصف، كذلك الأمر عند إلقاء كلمتك، لا تركز بصرك علىمركز القاعة فحسب، بل اعمل على تقليب بصرك في شتى أرجاء القاعة التي تلقي فيهاكلمتك محققًا التواصل مع المخاطبين في مختلف أنحاء القاعة، تماما مثلما تقلب عينيكبين شتى المرايا أثناء القيادة.
تحكم في يديك
تعد اليدان إحدى الوسائل الرئيسية للتواصل مع الجمهور المخاطببعد الوجه، ومن المفضل عند استهلال الخطبة إراحة اليدين على المنصة التي تلقي منهاكلمتك، وإذا لم تكن هناك منصة يمكن طي اليدين أمامك أو خلفك، فمن بين الأخطاءالشائعة التي يقع فيها الكثير من المتحدثين الإكثار من تحريك اليدين بسبب وبدون سببمما يشتت ذهن المستمعين ويحول دون الإنصات بتركيز لما يقوله المتحدث، ومن المؤسف أنالإكثار من تحريك اليدين هو الأمر الذي سيبقى في أذهان المستمعين، بدلًا من الأفكارالتي كنت ترغب في توصيلها إليهم.. وقد يكون ذلك نافعًا في بعض الأحيان, لتوصيلالفكرة أو إيضاح الصورة, كما كان يحكى عن أخد الخطباء على المنبر أنه حين أرادالحديث عن فرعون فتلا قول الله تعالى: " إن فرعون علا في الأرض.." الآية, فقام برفعإصبعه عند قوله " علا " ثم قام بخفضها إلى الأرض عند قوله " في الأرض " وكأن علوهفي الأرض كان علوًا متدنيًا لم يتجاوز الثرى إلى الثريا, وهو العلو المحمود –أيالعلو للثريا-.
كن متحمساًلما تطرحه
لا يهم الموضوع الذيتطرحه في كلمتك بقدر ما تهم قدرتك على إقناع جمهور المستمعين بمدى إيمانك وتحمسكلهذا الموضوع، لا تحاول أن تتصنَّع، ولكن حاول أن تظهر بشكل تلقائي مدى حماسكوانتمائك للشركة أو المهنة، فالجمهور يعشق المتحدثين الذين يظهرون حماسًا شديدًاللموضوع الذي يتحدثون فيه، أظهر هذا الحماس في صوتك ونظراتك ولهجتك في التحدث إلىالجمهور بحيث تنقل هذا الحماس وهذه العاطفة إلى المستمعين أنفسهم. 
كن متوازناً
لا تحاول أن تضمن العرضالتقديمي الكثير من النقاط التي ستتناولها في كلمتك، فقط ضمنه النقاط الأساسيةواترك التفاصيل للورق المطبوع الذي يمكن للمستمعين قراءته في وقت لاحق، استخدمبرنامج الباور بوينت – مثلاً- لعرض شريحة أو اثنتين تتضمنان النقاط الرئيسية، ولكنلا تسرف في ذلك، فيجب أن تظل عيون المستمعين وآذانهم معلقة بك أنت، لا بشاشة العرض،وبين الفينة والأخرى انقل تركيز المستمعين إلى الشاشة ثم إليك مرة أخرى، لا تجعلعرض أي شريحة يستغرق أكثر من خمس ثوان، وإلا تكون قد ضمنت هذه الشريحةأكثر مماينبغي، وإذا ما كان هناك أمر يتسم بالتعقيد وترغب في توصيله إلى المستمعين يمكنك أنتقدم لهم فكرة عامة عن هذا الأمر وتترك التفاصيل للورق المطبوع الذي يتم توزيعه على المستمعين.
تول إدارة العلاقات قبل وبعد إلقاء كلمتك
إن الناس عادة ما تنصت بشكل أفضل إلى المتحدثين الذين يعرفونهممن قبل، فهذه المعرفة توفر قدرًا من الثقة في شخص المتكلم وفيما سيطرحه من أفكار،ولذا قد يكون من المستحب أن تقوم بجولة في القاعة التي ستلقي فيها كلمتك قبل بدءالاجتماع محاولا تعريف المستمعين بك, أو إذا كانت محاضرة أو درس علم فيُنبه إليهقبل البدء بأيام حتى يستعد الحضور لقدوم هذا الضيف أوالمربي.
استخدم القصص
لا تعتمد في كلمتك على مجردسرد الحقائق، بل اعمل على أن تضمِّن كلمتك قصصًا وخبرات من الحياة تعلق بأذهانالمستمعين عند العودة إلى منازلهم، خذ الوقت الكافي الذي يمكنك من رسم صورة فيأذهان المستمعين لما تطرحه من أفكار, وهذه من أنجح وأنفع الطرق والأساليب لإيصالالمعنى للمستمعين من خلال ربطهم بقصة أو حدث من الواقع, والمُجرب والمُربي يعرف ذلكتمامًا, ويعلم جيدًا مدى تأثيره على من يقوم بدعوتهم.
اعرف جيداً ما تريد أن تطرحه
لا يوجد أفضل من أن يكون الفرد مستعدًا بكافةالمواد والمعلومات التي يحتاج إليها عند إلقاء كلمته، فإن مثل ذلك الأمر يجنبه ماقد يتعرض له من مواقف محرجة إذا ما اعتلى منصة الخطابة دون أن يكون مهيأ لشتىالاحتمالات، تفاعل مع المستمعين.. تعمد من وقت لآخر أثناء إلقاء كلمتك أن تطلب رأيالمستمعين فيما تقول, وأن تمنحهم فرصة طرح أسئلة، فإن مثل ذلك الأمر يكسر الرتابةويمنحك استراحة، كما يوفر في ذات الوقت أيضًا فرصة للمستمعين للتواصل معك, ومعبعضهم البعض. 
تجنب الإحباط
أنت لا تعرف السبب الحقيقيالذي يجعل أحد الحاضرين لا ينصت لما تقول أو لماذا يغادر آخر القاعة، وهناك العديدمن الأسباب التي تحول بين هذا وبين الإنصات بشكل جيد لما تقول؛ كما قد تكون هناكأسباب أخرى لا تتصل بك من قريب أو بعيد هي التي دعت البعض إلى مغادرة القاعة، افترضأنها أسباب أخرى هي التي دعت إلى ذلك واستمر في إلقاء كلمتك. 
لا تتجاوز الوقت المحدد لك
وهذه أيضاً من الأمور المهمةجدًا, والتي ينبغي على المتحدث أو المحاضر أو الخطيب مراعاتها والانتباه إليها, فالتحدث لفترات طويلة وتجاوز الوقت المحدد لكلمتك هي أسرع طريقة تفقد بها المستمعينالقدرة على التواصل معك, والتركيز فيما تقول، ونصيحتي من خلال التجربة هي محاولة أنتنهي كلمتك في الوقت المحدد لها، بل من الأفضل أن تتمكن من الانتهاء منها قبلالموعد المحدد، فذلك سوف ينال إعجاب المستمعين.
فمن خلال هذه النصائح – أخيالحبيب – إذا التزمت بها أو ببعضها فستجعلك حتمًا خطيبًا ناجحًا, ومربيًا حاذقًا, وداعية فعّال وناجح تستطيع أن تجذب أنظار الناس إليك بمنتهى السهولة واليسر, كمايؤهلك للسير في طريق دعوتك وعملك بنجاح وتقدم.
وفقنا الله وإياكم لما فيه الخيروالصلاح لأمة الإسلام, وجعلنا الله وإياكم من العالمِين العاملين لهذا الدينالعظيم, ومن المتبعين لهديّ سيد المرسلين - وخير معلم للبشر أجمعين- بفهم سلف الأمةرضوان الله تعالى عليهم وعلى من سار على دربهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.. آمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشكلات الطلاب الدراسية في المدارس وحلولها ، علاج مشاكل الطلاب

مهارة دراسة الحالة الفردية